كيف تغدو اذا غدوت عليلا؟
تتوقّى، قبل الرّحيل ، الرّحيلا
أن ترى فوقها النّدى إكليلا
من يظنّ الحياة عبئا ثقيلا
لا يرى في الوجود شيئا جميلا
ويظنّ اللّذات فيه فضولا
عللّوها فأحسنوا التّعليلا
لا تخف أن يزول حتى يزولا
قصّر البحث فيه كيلا يطولا
فمن العار أن تظل جهولا
تخذت فيه مسرحا ومقيلا
عليها ، والصائدون السّبيلا
حيّا والبعض يقضي قتيلا
أفتبكي وقد تعيش طويلا؟
سور الوجد والهوى ترتيلا
تلقط الحبّ أو تجرّ الذيولا
صفّقت الغصون حتى تميلا
وقفت فوقها تناجي الأصيلا
عند الهجير ظلاّ ظليلا
واترك القال للورى والقيلا
كلّ حين في كلّ شخص عذولا
كنت ملكا أو كنت عبدا ذليلا
فلماذا تراود المستحيلا ؟..
آفة النّجم أن يخاف الأقولا
كن حكيما واسبق إليه الذبولا
فتفيّأ به إلى أن يحولا
مطرا يحيي السهولا
هل شفيتم مع البكاء غليلا؟
فأريحوا ، أهل العقول، العقولا
أخذته الهموم أخذا وبيلا
ومع الكبل لا يبالي الكبولا
ويوما في اللّيل يبكي الطّلولا
فيسقي من جانبيه الحقولا
كلّ شخص وكلّ شيء مثيلا
تستحل المياه فيه وحولا
شمّا وتارة تقبيلا
تملأ الأرض في الظّلام عويلا
والنّهر والرّبى والسّهولا
فيلقي على الجميع سدولا
كن جميلا تر الوجود جميلا
أيّهذا الشّاكي وما بك داء
انّ شرّ الجناة في الأرض نفس
وترى الشّوك في الورود ، وتعمى
هو عبء على الحياة ثقيل
والذي نفسه بغير جمال
ليس أشقى مّمن يرى العيش مرا
أحكم النّاس في الحياة أناس
فتمتّع بالصّبح ما دمت فيه
وإذا ما أظلّ رأسك همّ
أدركت كنهها طيور الرّوابي
ما تراها_ والحقل ملك سواها
تتغنّى، والصّقر قد ملك الجوّ
تتغنّى، وقد رأت بعضها يؤخذ
تتغنّى ، وعمرها بعض عام
فهي فوق الغصون في الفجر تتلو
وهي طورا على الثرى واقعات
كلّما أمسك الغصون سكون
فاذا ذهّب الأصيل الرّوابي
فأطلب اللّهو مثلما تطلب الأطيار
وتعلّم حبّ الطلّيعة منها
فالذي يتّقي العواذل يلقى
أنت للأرض أولا وأخيرا
لا خلود تحت السّماء لحيّ
كلّ نجم إلى الأقوال ولكنّ
غاية الورد في الرّياض ذبول
وإذا ما وجدت في الأرض ظلاّ
وتوقّع ، إذا السّماء اكفهرّت
قل لقوم يستنزفون المآقي
ما أتينا إلى الحياة لنشقى
كلّ من يجمع الهموم عليه
كن هزارا في عشّه يتغنّى
لا غرابا يطارد الدّود في الأرض
كن غديرا يسير في الأرض رقراقا
تستحم النّجوم فيه ويلقى
لا وعاء يقيّد الماء حتى
كن مع الفجر نسمة توسع الأزهار
لا سموما من السّوافي اللّواتي
ومع اللّيل كوكبا يؤنس الغابات
لا دجى يكره العوالم والنّاس
أيّهذا الشّاكي وما بك داء
الشاعر :إيليا ابو ماضي